لفهم سياق الحديث هنا .. راجع المقالة السابقة : قابلية الارتهان.. السردية الكاذبة
التنمية عبر المقومات الخارجية ..
من يلاحظ حركة التنمية على الصعيد البشري والعمراني ( البنى التحتية ) لليمن خلال الحرب وحتى ما قبل ( النظام السابق ) ، يجد هناك فجوة كبيرة جداً بين مركزية المشاريع الوطنية وبين تلك التي تقوم عبر المساعدات الاجنبية الخارجية، بل تبقى معدلات تبأطى التنمية في اليمن في أعلى قياسات من كل سنه، شكل بذلك إحتياج الدعم والمقومات الخارجي لتوفير الاحتياجات الضرورية من التنمية على مستوى التعليم والصحة والثقافة والطب والفن والعمران، حتى تقوم بها منظمات دولية أو برامج تنمية عبر السفارات الاجنبية .
الحديث هنا ليس عن تأثير هذا المساعدات على مستوى سيادة قرار الدولة – بل على مزاجية الطبيعة البشرية للمواطنين التي أصبحت تنظر للدعم الخارجي في تبني إحتياجاتها دون النظر في استحقاق تنمية بيئاتها من المركزية الوطنية ( مؤسسات الدولة )، ومن الدلائل في القول أنه لا يكاد يوجد قطاع خدماتي وطني الا ويوجد به مساهمات ومساعدات خارجية مسماه برموز إعلام لدول وعواصم أخرى، تلك النظره ساهمت وعززت بشكل كبير حالة الرغبة في الاستسلام والقابلية للخارج وأدواته ( سياسية، ثقافية، تنموية، دينية وحتى على الصعيد العسكري الذي نشهده اليوم عبر تشكيل مجموعة من التكوينات المسلحة تقودها مجموعة من الاوامر والقرارات الخارجية ).
هناك تهميش لطاقات الدولة واستثمارها وتوجيهها في المكان الصحيح، الامر انعكس تماماً على إنتماء بعض أفراد المجتمع للكفيل الخارجي أكثر من مؤسسة الدولة المعنية
فريق مُثلث
الدعوات للدعم الخارجي منذ العهد القديم للدولة الحديثة على مستوى تنمية القطاعات وبأسم مؤسسات الدولة نفسها جعل من الأمر على فكرة الارتباط بالرغبة الخارجية في تنفيذ وتقييم المشاريع وهو بدوره ساهم في استصغار أهمية الاستقلال والاكتفاء الذاتي بمقدرات ومقومات الوطن الطبيعة والبشرية، بمعنى ان هناك تهميش لطاقات الدولة واستثمارها وتوجيهها في المكان الصحيح، الامر انعكس تماماً على إنتماء بعض أفراد المجتمع للكفيل الخارجي أكثر من مؤسسة الدولة المعنية،
فـ عملوا بعدها على تنفيذ رغبات الخارج وتقديم مصالحه فوق مصالح ورغبة الوطن الاصلي، ولا يخفى أن هذا النموذج من إدارة قطاعات الدولة من التصور الإتكالي دفع على عدم مقدرة النخب التنفيذية في تسيير شؤون القطاعات التنموية والحيوية للدولة عندما واجهة أزمة سياسية كالحرب الراهنة، فأصبح هناك عجز واضح وشلل تام في وضع رؤى تنفيذية وخطط إدارة أزمة من قِبل المؤسسات المعنية، بل تعدى الأمر الى رهن بعض المصالح الاستراتيجية من الدولة للخارج مقابل الفتات من الجرعات المسكنة لإحتياجات المواطنيين.
الرهان المعقود
جزء كبير من ارتهان شعور الشعب العربي في اليمن تجاه دول بعض المنطقة تتحمله هذه الاقلام وتلك الاساليب في التعاطي مع مجريات الاحداث الاخيرة من الحرب، والحل للخروج من هذا الانزلاق هو التغيير من حدة الخطاب ورفعة الكلفة عن تمجيد أساطير تأثير عواصم الخارج للواقع الراهن الداخلي والتحلي بالجرأة في سيادة القرار تحت الشرعية السياسية القانونية في رفض أي أملاءات خارجية في تحديد اوجه التعاون والتبادل العسكري والاقتصادي، ورسم خارطة طريقة يمنية يمنية ترسم ملامح مستقبل المنطقة بالكامل وليس على صعيد الشأن الداخلي فقط،
واستثمار الانتهاكات والجرائم المرتكبة في حق الارض والانسان قانونياً لدفع أي صورة ابتزاز استراتيجي يحمل الدولة متطلبات تحمل تكلفة هذا التدخل ماديا ومعنوياً ( وأن كان بشكل توافقي سياسياً )، ووضع رؤية تنموية ( بشرية وعمرانية ) وطنية صادقة خالية من متطلبات المقومات الخارجية تعيد حق المواطن من مقدرات الوطن وتقوي إنتماءه للاستحقاق الوطني.
قد تتلاشي مسميات الاشقاء والجوار فيما بعد لتبقى الهيئة الاساسية في العلاقات الدولية التي تدفع الدولة للدفاع عن ثلاث قيم/مصالح رئيسة
الكاتب
ربما لن يستفهم بعض منسوبي السلطة اليمنية حدة صوت منّة وأذى الإرتهان من بعض دول الجوار اليوم او حتى في القريب من الزمن ، ولكنه سيبقى مرهون بمدى إجتياز هذه الأزمة بأعتبار أن اليمنيين يتعاطون هذه الشراكة الدفاعية كأسهام دول الجوار في تصحيح مسار تصوراتهم السياسة الخاطئة منذ بداية الانقلاب ( حسب التصريحات الرسمية ) وعلى الاخير إدراك وتقدير هذا إجباراً وليس منة أو تفضل كما تشير وتعيد وتكرر لها بعض مؤسسات الخطاب الرسمية من قِبلهم.
قد تتلاشي مسميات الاشقاء والجوار فيما بعد لتبقى الهيئة الاساسية في العلاقات الدولية التي تدفع الدولة للدفاع عن ثلاث قيم/مصالح رئيسة (كلها نسبية): إستقلالها، أمنها، وإزدهارها. وحينما تفقد الدولة إزدهارها، فإنها تفقد أمنها وإستقلالها معا، وحينما تفقد أمنها، فإنها تفقد إستقلالها وإزدهارها، وحينما تفقد إستقلالها، فإنها تفقد كل شيء. حتى الكرامة!