تنويه: التدوينة تحتوي على كمُّ لا بأس به من الطاقة السلبية، فضلها لربما تحتاجها يوما ما حتى تعيد توازنك مثلي.
لإستكمال فِهم المقالة .. راجع المقالة : مَظْهر واضح للانهيار ..جرعة يأس
جُل هدفي هو أن انجح لا أن افشل، ورغبتي أن أمضي لا أن أنتظر، وأملي أن اتقدم لا أن اتعثر
أخشى ان ينتهي بي المطاف – وأنا في عزة ونشوة طاقاتي الشبابية – بالعودة الى ذلك الركن من قريتي احمل معي محاولاتي البائسة دون – إنجاز يُذكر ويُفخر – الى أزقة طرقاتها بسيطة الخيال، رتيبة الافكار، عتيقة الطموحات، الى تلك الدكة وتلك الحاضنة من الشباب الذين شهدتُ يوماً ما في لحظات طفولتي إنهيارات طاقاتهم، وتكاثر خيبات آمالهم، وتعثر خطوات طموحاتهم، سبقوني في الاستسلام الى الواقع والايمان بصعوبة الوصول، اختاروا الرضى بالوجود عن السعي لحتمية الوصول، اختاروا أقل التكاليف وأهون الخسائر عن تكرار المحاولات والتصميم للتغيير.
إعتراف بالهزيمة وإقرار بتكلفة اليأس وتحمل لمشقة الخيبات وإذعان لصوت الرجوع، عناوين جريئة لتجربة جديدة
الكاتب
كنت يوما ما معهم ومنهم وفيهم ، رأيتهم وهم ينسجوا أعظم الافكار ويحيكوا أروع الخيالات، عن تلك الجلسات والمسامرات التي تبحر في فضاء المعرفة والثقافة والايمان بالتغيير لانفسهم ولأوطانهم، حتى ما لبثوا الا وقد أحيطوا بتراكم الهموم وقسوة الظروف وغلظة الاحكام، وتلاشي بقعة الضوء للنفق المظلم الذي كانوا يأملوا الوصول منه واليه، صعقوا بقارعة الاولويات، وتلبستهم جاثومة اليأس والانهيار، وكنت بالنسبة لي ولهم أن هناك جندي أخر يقاتل في معركة الخيال، لأمل في تغيير حديث وواقع مختلف لبلد ولمجتمع ولعالم معيشي أفضل من سابقه.
باكورة تَجرِبة جديدة …
إعتراف بالهزيمة وإقرار بتكلفة اليأس وتحمل لمشقة الخيبات وإذعان لصوت الرجوع، عناوين جريئة لتجربة جديدة تحمل في طياتها ومثلث قوانينها الكف عن الاحلام وبناء التوقعات، ورفع التعشم المفرط عن المستقبل المجهول، والتخلي عن التشفي الزمني لتحقيق الافكار ، فالأماني جمه والآمال العالية والطموح يعانق السماء، ولكن العمر بالارقام مصحوب والجدول بالساعات محدود، فكل الاحتمالات واردة وليست كل الاحتمالات واقعة.
نصاحب الزمن في عشق الوطن ، حبُ في الارض والانسان والهوية. نعتصر الألم ويعتصرنا القهر فيما آن اليه البلد ، يزيد من عُسر عيش حياتنا المستقلة ، تدفعنا نفوسنا بالعمل ولو بالكلمة في وقف مسلسل الانهيار والانزلاق الذي يتعرض له كيان وطننا الحبيب، يضاعف الهم ويزيد الغم عن محاولة للتخلي – مؤقتاً – لهذا المعشوق ، تاركاً خلفي كل أمل في تحقيق تغيير وبناء، التزاماً فيما عاهدت به نفوسنا لحظة مغادرة تربة الوطن، والتصاقاً بمسؤوليات كُلفنا بها دون أذن منا.
مازال لدينا بعض الوقت ولنا فيه من الجولات والصراعات ما يحدد مصيرنا أمامهم ، الى ذلك الوطن ، والى تلك الهمة الريادية
الكاتب
ترنو نفوسنا نحو الحرية. هيَام الاستقلال ولوْعَة التفرد. نلتزم بما صافت به هويتنا ( الحضارم ) عن باقي الوجود بالانعتاق المادي والتجاري وحركة المال والاعمال. التأسيس والانشاء كل ما نعرفه في الحياة، البناء والتجديد كل ما نعشقه في الوجود، حب الحياة وحب الناس كل ما نفقه في كل أرض نكون عليها .. نأسف على ما بُلغ به العمر بنا ولم نلتزم بما ألتزمت به هويتنا ، عن الايمان بأن هناك بَضع سنين اخرى في سجن العقود لأعمال اخرى، والتكرار للمحاولات الصعبة في الإنفلال من محدودية الاعمال الى فضاء الريادة والابتكار.
التوقف – مؤقتاً – عن العمل لتحقيق تلك الآمال، والغياب المتكرر لتلك الاحداث، والتصميم على الهدوء في التفكير حتى الرفق على مخيلتنا العزيزة، هو سر الخلطة .. مازال لدينا بعض الوقت ولنا فيه من الجولات والصراعات ما يحدد مصيرنا أمامهم ، الى ذلك الوطن ، والى تلك الهمة الريادية ، والى تلك الفئة من الشباب التي انتمي أليها، فوالله أن لـ في الجعبة الكثير من ما يمكن أن نقدمه، ونسعى في تحقيقه، رغبة وطمعً في عناق عنان السماء.
لا بأس …
كنتُ ومازلت .. أغبط الشباب المُسالمين مع توقعاتهم، المنتظرين لإكتمال حظهم في اختيارتهم .آمالهم قويمة وطموحاتهم مستقيمة ، لا زحمة للافكار ولا تدافع للمحاولات ولا دوّشة للتصورات والاحتمالات. هدوء في التقديم وهدوء في الاستلام. الزمن لديهم مُبارك والخطوة بهم مشوار طريق فسلاماً على سلامهم النفسي وسلاماً على أنفاسهم السامية.
- – لا بأس بالمحاولة ولكن مع تغيير الفكرة وعدم الالتزام بما سبق، فقيمة أي فكرة هو في إطارها الزمني – تكون في جدولها المحدد او لا تكون -.
- – لا بأس بالاختيار مرة اخرى ولكن مع أخذ واقعية المجال وقيمة الهدف المرجو منه في تكوينك وإحتياجك النفسي والمادي.
- – لا بأس بالتخلي عن الجداول الزمنية لبعض الطموحات والآمال ودفعها الى الذين هم أقوى وافضل منا وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.
- – لا بأس بالاعتذار والشعور بالندم على القصور والتقصير في حق من هم منا وفينا عن تلك الالتزامات وتلك المسؤوليات التي لم ترفع لهم بعد.
- – لا بأس بأن نشعر بعدم الثقة وعدم الرضى من الاخرين من سوء تقديرنا لأفكارنا وطموحاتنا وما فشلت في تحقيقه شخوصنا.
- – لا بأس بأن نُترك وحيدين نصارع الظروف حتى لا نعيد ونكرر خيبات الآمال ونكسر جدار ثقات مرات اخرى لأحبه وأصدقاء وأهل وزملاء.
ربما الأسوأ خلفنا، وربما الاعتراف حاليا يساعد على وقف إستمرارية الإنهيار. لم نصل بعد لما كنت أرغب به، ولكن لا بأس، فهي مسألة وقت لا أكثر. ما زلنا نبتكر ونشحذ أساليباً وأدوات مختلفة لتخطي هذه الرحلة، نتمسّك بما ينجح منها، وما يفشل نتنازل عنه. نعم، ثقيلة هي هذه الأيام ، ولكنها ستتعب من صبرنا على مدافعتها، وسنعود من حيث أتت يوماً ما -بإذن الله- ليس عندي أدنى ذرة شك في ذلك.
كنتُ ومازلت .. أغبط الشباب المُسالمين مع توقعاتهم، المنتظرين لإكتمال حظهم في اختيارتهم .آمالهم قويمة وطموحاتهم مستقيمة
الكاتب
الى عزيزي هناك في المشرق البعيد .. تدافعنا معا زحمة الأفكار ودوّشة الخيالات فما آن لنا الزمن سوا الفراق وطول الغياب دون تحقيق أي شي يذكر بعد من تلك الورقات التي رسمنا فيها تصوراتنا،،، فعذراً لي ولك، وعذراً لمخيلتنا العزيزة التي تأبى الوقوف والاستسلام النهائي، فـ لعلى لنا موعد أخر في عالم أخر في فضاء أخر يسمح به القدر أن يظهر للحظاتنا التاريخية الموعودة..
و الى كل من ينتمي الى هذه السطور، ويحتفظ بحق الشعور في معانيها، لا بأس بك عزيزي / عزيزتي .. فلربما هناك واقع اخر وخيال اخر ينتظرنا وننتظره ( وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا )، فهذه جرعة يأس من مصل الواقع نخرج ونعالج به أنفسنا من خيال الواقع الى واقع الواقع.