-
21أغسطس2025

وهُم زمن الفن الجميل

أنني على يقين أن أسطورة زمن الفن الجميل ستبقى متكررة لكل زمان مثل أي وقت آخر

سعيد باحشوان

في رشفة شاي من مُثلث

استمع على منصتك المفضلة

وهُم زمن الفن الجميل

أنني على يقين أن أسطورة زمن الفن الجميل ستبقى متكررة لكل زمان مثل أي وقت آخر

سعيد باحشوان

في رشفة شاي من مُثلث

استمع على منصتك المفضلة

في إستعادة للذكريات لتلك الأيام رغم مرور سنوات عديدة عليها، ورغم الحياة المزدحمة  المربِكة التي نعيشها الآن، فقد كان هنا الجهاز الكبير الذي يسمى جهاز” الفيديو ” يحتفظ به الوالد في غرفة خاصة من بيتنا وكان الدخول اليها حلماً من أحلامي، حتى أُصبِحت مثل القليل من جيراننا الذين أمتلكوا المزيد من المال المتدفق واستطاعوا بذلك شراء ذلك الجهاز الذي أتاح لهم مشاهدة أفلام معينة في الأوقات التي يختارونها، فالجهاز لم يكن يوفر ميزة التنوع فقط، بل تزيد مساحة الاختيار أمام صاحبه ليشاهد الأفلام وقتما يشاء.

لم يكن جهاز الفيديو منتشراً بشكلٍ كبير،على الرغم أن مدينتي كان من أول المدن التي توجد بها سينما على مستوى الجزيرة العربية ( وسط حضرموت ) ولم تكن المحطات التليفزيونية كثيرة، وهو ما يعني ببساطة أن حالة الشح الفني وانحسار الاختيارات هي السائدة، فكنا نشاهد الأفلام الكلاسيكية المصرية عبر الالون الاسود والابيض فقط دون غيرها ..

ولا نعرف الكثير عما يدور في العوالم الأخرى، قبل أن نُفاجأ في نهاية العقد الأخير من الألفية الثانية بمصطلحات جديدة علينا من نوعية “العولمة” و”الثورة التكنولوجية” وما صاحب ذلك من انفتاح كبير على العوالم الأخرى ورفاهية الاختيارت وأصبحنا نحتفظ بعددٍ لا بأس به من الأفلام العربية الحديثة والأفلام الأجنبية المصنوعة بحرفية شديدة.

فريق مُثلث

شدني الحديث الية اليوم .. عندما تكرر مقولة ” زمن الفن الجميل ” مصحوباً بشدة استنكار للفن الحاضر “زمان كان فيه فن بجد.. الناس كانت بتقدم فن حقيقي وعشان كده شغلهم لسَّه عايش معانا لحد دلوقت”.. كثيرا ما تستخدم العبارة بالاقتران خصوصا مع الغناء والفنون. وقت الغناء الجميل، زمن الفن الجميل، زمن النشوة الجميلة… ومن الواضح أن من اخترع هذا المسمى هم كبار السن، أو أولئك الذين عاشوا خلال ذلك الوقت، وأنهم فعلوا ذلك للتخلص من قبح ووحشية ملابسهم وأرواحهم.

فمع مرور الوقت وإمكانية مشاهدة عدد كبير من تلك الأفلام على التطبيقات الحديثة للشبكة العنبكوتية ومع انتشار القنوات الفضائية في الكثير من البيوت العربية، تغير الحال تماماً، وخرجنا من دائرة الأفلام الكلاسيكية التي كنا نشاهدها على شاشة التلفاز، إلى عوالم أكثر تنوعاً أتاحت لنا حرية الاختيار بعد أن عشنا لسنوات عديدة بلا خيارات.

وتفادياً لإنتقاد غير منصف .. الا أن الحقبة الماضية من الفن .. من الصعب الاحتفاظ بالذاكرة دون لمس القلب، وما يلمس القلب غالبًا ما يعيش في القلب نفسه. لذلك، خلق هؤلاء الأشخاص وحافظوا على «الوقت الجميل» ليكونوا ملاذهم عندما فقدوا قدرتهم على التواصل مع الحاضر والعبور إلى المستقبل برغم تلك التطورات الكبيرة التي حدثت في حياتنا ظللت مقتنعاً لفترة ليست بالقصيرة بالكلام عن زمن الفن الجميل والأفلام التي استطاعت أن تعيش في ذاكرة ووجدان الجمهور.

مشاعر متجاذبة أستدعتني للتساؤل عن ما اذا فعلا أن الحقبة الماضية من الزمن كانت أجمل بكثير مما نحن عليه اليوم, بعد ما دار حديث كبير مع أحدى صناع الافلام الكلاسيكية وهو في السن قد طعن.. يكثر نواحنا على الزمن الجميل؟ ودائماً ما يكون التعبير إشارة إلى الماضي، والماضي البعيد تحديداً. لماذا هذه التسمية حكر على الماضي؟ ولماذا تعطي الماضي صفة الجمال المطلقة؟

الكاتب

هل عاشت الأفلام الكلاسيكية في وجدان الجمهور وكنا نشاهدها؛ لأنها كانت عظيمة أم أننا كنا نشاهدها فقط لأننا لم نجد غيرها؟ وإذا كانت الأفلام عظيمة، فلماذا نجد المراهقين والشباب الصغير الآن لا يشاهدون تلك الأفلام ولا يعرفونها أصلاً؟

لقد عشنا سنوات عديدة ولدينا تصورات معينة اكتشفنا زيف بعضها فتلقينا الصدمات واحدة تلو الأخرى، وأعتقد أننا يجب أن نتعلم من تلك الصدمات ونفكر في زمن الفن الجميل وأفلامه، ونسأل أنفسنا: هل كانت تلك الأفلام عظيمة فعلاً، أم مجرد أفلام كنا “مجبرين” على مشاهدتها وتعودنا عليها فأحببناها لأنها تذكرنا بالماضي الجميل ؟

بخيارات اليوم وتعدد الأفكار والتجربة الحديثة للانتاج المرئي والصوتي .. أكاد أجزم أنه لو عاد صناع الفن القديم الى عصرنا هذا .. لما ترددوا لحظة في متابعة ومشاهدة الإنتاجات الحديثة بكل شغف لما تحتويه من غزارة المواضيع وتجدد القصص والحكاوي. وفوق هذا تطور الصناعة الفنية للسينما والدراما بكل ما تحمله من أدوات أعلامية ضخمة تقدر بالمليارات الدولارت.

أنني على يقين أن أسطورة زمن الفن الجميل ستبقى متكرر لكل زمان مثل أي وقت آخر، لم يكن الأمر خاليًا من الشوائب والقبح والعبث، لأن ذاكرتنا اختارت فقط أشياء جميلة، ولأن الأشياء القبيحة وغير الأصلية والطارئة تختفي، وتصفي نفسها.

اقتباس مؤجز

أنني على يقين أن أسطورة زمن الفن الجميل ستبقى متكرر لكل زمان مثل أي وقت آخر، لم يكن الأمر خاليًا من الشوائب والقبح والعبث

مكتب مُثلَث

اقتباس مؤجز

أنني على يقين أن أسطورة زمن الفن الجميل ستبقى متكرر لكل زمان مثل أي وقت آخر، لم يكن الأمر خاليًا من الشوائب والقبح والعبث

مكتب مُثلَث

إشَارَات وإطلاعات

المزيد من المقالات

إن وقت سفك الدماء هو الزمن المثالي، لإدخال التغيير الرئيسي في أسس المنظومة الاقتصادية.

مُنتج من مُثلث

مدة الاستماع : 25 دقيقة

لم يكن لدى عبدربة رؤية للمنطقة الاستراتيجية الحيوية التي يتمتع بها اليمن في الشرق الأوسط

مُنتج من مُثلث

مدة الاستماع : 26 دقيقة

لماذا بقيت ثقافتنا العربية باليمن رهينة ممارسات تقليدية، بدون أن تمنح نفسها فرصة الانفتاح !؟

مُنتج من مُثلث

مدة الاستماع : 28 دقيقة

حضور المرأة اليمنية في المجال العام يعدّ مقدمة طبيعية لتلك الظواهر القيادية

مُنتج من مُثلث

مدة الاستماع: 19 دقيقة

كانت فترة عبدربه تجسيدًا لعهد « اليمن المتقهقر » في مرحلة دقيقة مثَّلت الانتقال من النقيض إلى النقيض

مُنتج من مُثلث

مدة الاستماع : 30 دقيقة

شكلت الآلة الاعلامية للحرب الراهنة وعي جمعي خطير عن شكل الدولة وطبائع الشعب

مُنتج من مُثلث

مدة الاستماع: 18 دقيقة

نقوم بإعداد المزيد من الإثراء

خطورة التطرف الديني لا تقل عن خطورة المخدرات في الاعمال الدرامية

مدة الاستماع: 19 دقيقة

مُنتج من مُثلث

هناك فجوة كبيرة جداً بين المشاريع الوطنية وبين تلك التي تقوم عبر المساعدات الاجنبية الخارجية

مدة الاستماع: 15 دقيقة

مُنتج من مُثلث

يبقى اليمن الديمقراطي الفدرالي الخالي من العنف والاستبداد حلمًا ينبغي ألّا يتنازل عنه اليمنيون

مدة الاستماع : 22 دقيقة

مُنتج من مُثلث

من بداية المنتصف من العمر حيث ازمة العشرينات، حيث النهاية لكل ما مضى والبداية لكل ما سيأتي

مدة الاستماع: 20 دقيقة

مُنتج من مُثلث

نقوم بإعداد المزيد من الإثراء
مُثلث / منصة الإثراء العربي

أهلًا بك رفيقاً لنا في مُثلث

ستصلتك رسالتنا الأولى الى بريدك الإلكتروني على الفور . تحقق من صندوق البريد العام الخاص بكم لتتمكن من الإطلاع على صيغة إشتراكّ .. إذا لم تجدها ابحث في رسائل SPAM وتأكد لتُحرريها لصيغتها الرسمية حتى تتمكن إستلام أشعارتنا وجديدنا باستمرار.
اذا لم تتمكن من إستلام اي رسالة إشتراك.
تواصل مع فريقنا المختص على : hala@muthalth.net

"باقة حالمة، وفريدة من نوعها، ومدروسة،
ودائمًا ما تكون مبهجة في بريدي الوارد."

مالك اسحاق