في مقال سابق لأحدهم يكتب فيه ” إذا أردت أن تقرأ الناس في أمريكا؛ فاقرأهم من خلف مطاعم الوجبات السريعة، وإذا أردت أن تقرأ فرنسا؛ فاقرأ الناس من وراء الفاترينات والمقاهي وصالونات الأناقة. وإذا أردت أن تقرأ الإيطاليين؛ فابدأ بقراءة الناس من خلف مدرجات كرة القدم، وإذا أردت أن تقرأ ألمانيا؛ فاقرأ الناس في مصانعهم، وإذا أردت أن تقرأ الناس هذه الأيام في وطننا العربي الجميل؛ فابدأ بمقاهي القهوة السوداء وأخواتها، هذه المقاهي أصبحت تعكس أسلوب حياة وطريقة تفكير، فرؤية الشباب والفتيات وهم يتدافعون للمقاهي وخروجهم وهم يحملون أكواب من القهوة أو حتى المشروبات البارده المرافقة لها أصبح مألوفاً ويحكي ثقافة جيل.. وما من ثقافة تغزو مجتمع الا وتصبح منتج إستهلاكياُ واسع الطيف.
فـ المقهى في وقتنا الحالي أصبحت ليست مكاناً لاحتساء المشروبات على شتى أنواعها فحسب وإنما فضاءٌ مجتمعي ومجالس حضارية صرفه يتقاسم فيه الرّواد كل ما يدور من أحداث ووقائع سياسية واقتصادية ودينية وغيرها من المواضيع التي تكون محطُ اهتمام الرأي العام بها، ناهيك عن موضوع الرياضة الذي يظل يستأثر الجالسين بالمقهى، خاصةً كرة القدم، اللعبة المفضلة عند الجميع والتي تجعل المقهى غاصّةً عن آخرها، لا سيما عندما تبث المقابلات عبر الشاشات.
تمكنت المقاهي من تحقيق نجاح غير مسبوق تقريبًا في مجال ريادة الاعمال كواحدة من أسرع الافكار التجارية نمواً في أكثر من بلد ومجتمع،
فريق مُثلث
مهما يكن من أمر فالمقاهي صارت ذائعة بشكل ملفت في ربوع الدول والأمصار حتى أًصبح هناك بين المقهى و المقهى توجد أخرى، كأن هذا الفضاء يتميز بقوة جذب غريبة، ولايمكن الإبتعاد عنه أو مقاطعته بسهولة، فهى تنشر ثقافة الود والتعارف بين مرتاديها، وكما قال الشاعر نزار قبّاني مقاهي العالم هي الأكاديميات التي يتخرّجُ منها العُشَّاق، وحينَ تُقفلُ هذه الأكاديميَّات أبوابها تنتهي ثقافةُ الحُب.
تمكنت المقاهي من تحقيق نجاح غير مسبوق تقريبًا في مجال ريادة الاعمال كواحدة من أسرع الافكار التجارية نمواً في أكثر من بلد ومجتمع، فقد شاهدنا هذا الازدهار بشكل مباشر في أسواقنا التجارية وحياتنا الشعبية، وهو ما يعطي الالهام للتعمق في الأسباب العديدة التي تجعل المقاهي تظل جزءًا بارزًا من حياتنا.
المقاهي فضاءٌ للترويح عن النفس ، كما أنها فِرارٌ وهروبٌ من ضغوط العمل والبيت أيضا، فالبعض يتصور المقهى أنه مكان مناسب للتخلص من أعباء ومشقة الشغل التي ترهق وتتعب الإنسان لذلك فهو يفضل ارتياد المقهى من أجل أن يحس بالراحة والارتياح كأنّ جو المكان يتيح له إمكانية ذلك. غالبية مرتادي المقاهي يلجؤون إليها وكل له مآرب خاصة به لكي يقضيها من خلال جلوسه ومكوثه بها، فهناك من يقصدها بغية احتساء القهوة أو الشاي أو بهدف التدخين وقراءة الجرائد والصحف أو معاً، وثمّة نوع آخر يتجه إلى المقهى من أجل أن يتحصّل على عمل، لاسيما من فئة الحرفيين الذي يمتهنون المهن والحِرف حيث توفر لهم المقاهي إلتقائهم بزبناء يحتجون إليهم.
أنّها بمثابة ملجأ يلجأ إليه المرتاد خاصّة عندما لا يعرف أين يذهب، فبعض المقاهي تترك بابها مفتوحاً على دفتيّه على مدار اليوم والساعة، ما يمنح للبعض قضاء ليلة بيضاء، لاسيما الطلبة إبّان الامتحانات حيث تكون وجهتهم إلى هكذا مقاه التي تخّصص ركناً خاصا بالطلاّب من أجل المذاكرة والمراجعة، الشيء الذي يجعل المقهى فضاءً شمولياً له خدمات كثيرة يقدمها لمرتاديه.
قديما كانت المقاهي مختلفة عمّا عليه الأن من حيث الشكل فمثلا في البوادي المقهى عبارة عن خيمة كبيرة وبها حصائر تقليدية من الدُوم، حيث يجلس الناس أرضًا يستندون على أكتافهم وهو يحتسون الشاي ويتبادلون أطراف الحديث، وهذه المقاهي كانت في الأسواق الشعبية، لكنها اندثرت مؤخرا وصارت تعتمد على الكراسي بدل الحصير.
يؤدي الطلب المتزايد على لحظات القهوة الرائعة إلى طفرة في القهوة الحرفية. النكتة الشائعة المتمثلة في عدم فهم قائمة المقهى هي دليل على هذا الانفجار للأفكار الأكثر إبداعًا
فريق مُثلث
التنوع المتزايد وخيارات التخصيص المتاحة للقهوة، هناك طرق أكثر للاستمتاع بقهوتنا أكثر من أي وقت مضى. ودعونا لا ننسى أن معظم المقاهي الجيدة ستقدم أيضًا جميع أنواع الأطعمة والمشروبات غير القهوة، مع آلات القهوة الاحترافية وأجهزة البخار والقهوة الممتازة، يحصل العملاء على تجربة القهوة النهائية التي لا يمكن تحقيقها في المنزل بالنسبة للكثيرين. بالنسبة لشارب القهوة العادي، هذه هي الطريقة الأكثر ملاءمة للاستمتاع بالقهوة عالية الجودة. فالآن أكثر من أي وقت مضى، يتخلى الناس عن القهوة السريعة والسهلة بحثًا عن نكهات رائعة وأفكار فريدة.
يؤدي الطلب المتزايد على لحظات القهوة الرائعة إلى طفرة في القهوة الحرفية. النكتة الشائعة المتمثلة في عدم فهم قائمة المقهى هي دليل على هذا الانفجار للأفكار الأكثر إبداعًا.ومع ذلك، فإن هذا الاتجاه نحو القهوة المتخصصة مدعوم من قبل جمهور راغب. يسعد الناس الآن بتجربة مشروبات قهوة مختلفة من جميع أنحاء العالم وهم حريصون على السفر إلى المقاهي المفضلة لديهم للحصول على هذه التجارب على الرغم من الازدهار الواضح الذي ينتظر الاستفادة منه في صناعة المقاهي.
فإن البدء من الصفر يمكن أن يكون احتمالًا شاقًا، حتى بالنسبة لرجل الأعمال الأكثر ذكاءً. هذا هو السبب في أن الامتياز يمكن أن يقدم غالبًا أفضل ما في العالمين. خاصة أن مثل هذه المقاهي صارت تدرّ مداخيل مادية مهمة، الشيء الذي سرّع من هذا التغيير الجذري الذي طالها، الامر الذي جعل الحياة التنافسية فيه امر لحد كبير مهم وعالي جداً.