لفهم سياق الحديث هنا .. راجع المقالة :الجاذبية الحضارية والمُنتج الثقافي
إقتباسات من – السياحة اليمنية – حضرموت نموذج – رؤية تخصصية صادقة لقطاع الضيافة والثقافة بحضرموت.
الاستعدادية المحبطة ..
دائما ما يطرح هذا التساؤل: لمَ بقيت ثقافتنا العربية بحضرموت رهينة ممارسات تقليدية، بدون أن تمنح نفسها فرصة الانفتاح على أي جهد يتحرك في إطار تحديثها بكل أدواتها وأساليبها، وما تنتجه من تقاليد، مع أن محاولات التجديد لم تنقطع على طوال مسار الثقافة العربية، ابتداء في العصر الحديث من التجارب الثقافية والفنية لمصر ثم الشام ( سوريا ولبنان ) ثم النمط الخليجي المتصدر للمشهد اليوم وانفتاحهما على ثقافات الشعوب الأخرى، وهذا ما بدا واضحا بشكل جلي في ارتفاع وتيرة الحضور لتلك الشعوب على مستوى الدولي ، التي نهض بها مفكرين عرب وغيرهم وساهم في إشهارها وإنفتاحها على المشهد الحضاري العالمي ،
إذ لا يمكن ان يُعزل عرب حضرموت بهذا الشكل الممنهج ( وهذا ما يدعونا الى صياغة حديث اخر عن فشل إدارة المادة اليمنية للقوة الناعمة على مستوى الدولة في النظام السابق ) إذ حيث كانت جميع المحاولات للتحديث والاشهار مجرد أصوات يتيمة لا ترتقي على مستوى الحداثة التي تتبناها دول الجوار حيث أصبح هناك إنفلات فني كبير من الشخوص الكبيرة اليمنية من بوتقة التواصل الفني العتيق الى مدرجات المسارح والمؤسسات الادبية الحديثة فتفجرت ثقافتنا سواء في الصحافة أو الأدب أو المسرح، ولكن هذا الانفتاح بقي محدودا في إطار خارجي ذات انتماء لعواصم اخرى، لم يستطع أن يترك في الوعي المجتمعي الداخلي أي روابط.
المفارقة التي تدعو أحيانا إلى الإحباط، أنه وبالقدر الذي لم تنطفئ في البيئة الثقافية بحضرموت النزعة إلى التجديد، رغم سطوة الماضي وقلة الموارد وتعمد التهميش من اعلى سلم السلطة
الكاتب
المفارقة التي تدعو أحيانا إلى الإحباط، أنه وبالقدر الذي لم تنطفئ في البيئة الثقافية بحضرموت النزعة إلى التجديد، رغم سطوة الماضي وقلة الموارد وتعمد التهميش من اعلى سلم السلطة إلاّ أن تيار الارتداد إلى الخلف وضع أركان قوائمه بشده على الساحة الاجتماعية وصار أشد قوة وتشددا، عما كان عليه في نهاية القرن العشرين، ويمكن ملاحظة صعود هذا الانحراف في الوعي الثقافي مع مطلع القعد الاول من الالفية الثانية الى يومنا هذا.
ولا بأس من جانبنا نعزو أسباب ذلك الارتداد بشكل جوهري إلى التأثير الذي تمخض عند علو سلطة الصوت الديني حيث بدأت موجات التأثير الخطابي للبيئات المجاورة لحضرموت ( والتي تحاول اليوم جاهدةً الانفلال من هذا النمط الديني الضيق بشكل ملحوظ في برامجها ومشاريعها على مستوى مؤسساتها الاعلامية والثقافية ) ان تعلن عن وجودها وتمددها في المجتمعات العربية بحضرموت، وفق قانون الفعل ورد الفعل، إلى أن وصل هذا الارتداد إلى ما وصل إليه اليوم من ضيق الثقافة وألوانها، وبات يكتسب التوصيف المناطقي، حسب هوية القوى والمتناحرة.
واخيراً وليس آخراً، هو غياب الحداثة الفنية في الصوت البارز والمتصدر للمشهد الثقافي بحضرموت خاصة واليمن عامة على اكثر من صعيد واكثر من مسرح، بداية من من الشخوص والقنوات الشخصية الى المنصات والمشاريع الرسمية، فهناك أدوات يتم استخدامها اليوم قد تبدو بشكل ملحوظ للغير بأنها مُنفرة وطاردة أكثر منها جاذبة وباسطة رداء التفرد، وهو ما يستدعي مطلب الرقابة الفنية كركيزة إصلاحية أساسية للخطاب الثقافي الصادر.
تشمل على سبيل المثال: جودة المحتوى والمُنتج، والاسترشاد العلمي والفني، واستحداث المُيزة التنافسية، خلافاً لتلك التشريعات والاجراءات ما ستجد فيها ممكنات معينة تصلح أن تكون في علاقة حيوية مع الحاضر لتحوّل مُنتجنا الثقافي ليس إلى ملتقى فني متطوّر يلقى تقديراً عالميّاً واسع الطيف فحسب، بل واحة للتبادل الثقافي الجديد المتفتّح على الساحة العربية، خصوصاً أننا نمتلك من الممكنات الحضارية التاريخية والجغرافية والاجتماعية مالم تحصل عليه دول المنطقة.
بداية من جديد ..
أن استغلال الامكانيات الثقافية الهائلة التي تحظى بها حضرموت نحو قطاع الضيافة يمثل فرصة عظيمة ومهمـة طموحة.
الكاتب
ثمـة برامج ثقافية حضارية توجد هناك رغبة صادقة في إعتمادها كإستراتيجية تنفيذية تغنم اليوم بتفضيل الجميع من اطياف المجتمع ربما يتعلّق أولها ” بالاوكستروا الحضرمية ” التي جرت تجاربها خلال السنين القليلة الفائته كمثال رمزي ناجح وغني ، يمكن أن تحظى بدعم مستدام وتمويل من المؤسسات العليا كحفلات موسيقية في الخارج وكتعاون إستراتيجي مع مثيلاتها في دول القارات ، مضافاً اليها تلك الفعاليات والانشطة النوعية التي تقوم بها الهيئات الطلابية كزرع بصمة إيجابية في حدود دوائرهم الاجتماعية والمؤسساتية،
حيث أن أوجه تعدّدية الاستفادة من مثل هذه الرؤي والبرامج الثقافية التنفيذية عبر مجموعة من الاتفاقيات الثقافية الاستثنائية، على سبيل المثال، خلافاً على الاستفادة المادية ( عبر برامج سياحة المعارض والمتاحف وزيارة المراكز الثقافية ) ترقى على حسابات نهائية في مكان آخر تماماً.. فهي تقوم على تصوّر رمزي فائق الأهمية والصدارة، عماده قيام نهضة، بل فلسفة نهضوية عربية حديثة مركزها حضرموت ( اليمن ) فريدة من نوعها، ليس على مستوى المنطقة العربية فقط، وإنما على مستوى العالم برمته، تتجه في الاصل إلى قيام مجتمع المعرفة فيها، وهو المجتمع الذي يؤكد دوماً على النفاذ الحر الى المعرفة والثقافة بتجلياتها كافة، ومن ثمّ تبادلها والاستفادة منها بلا حدود.
ليست هذه هي المرة الأولى التي تطفو فيها الضرورة ُ المِلّحة للإصلاح الثقافي على السطح، لكن ما نرغب إليه هو معالجة شاملة للخلل الفني تستهدف جذور المشكلة – التي عزلتنا عن الواقع الفني والثقافي الحديث – لا أعراضها، فلا يصلح التعامل مع المشاريع الثقافية كوحدات منفصلة مع إغفال تسرب آثار السياسات العامة فيما بينها، أو طرح الحلول قصيرة النظر دون اعتبار لآثارها بعيدة المدى، أو ربطها بالحالة المالية للدولة بحيث تعلو صيحات الإصلاح وتنخفض عند انخفاض سعر العملة ،
قوم على تصوّر رمزي فائق الأهمية والصدارة، عماده قيام نهضة، بل فلسفة نهضوية عربية حديثة مركزها حضرموت ( اليمن ) فريدة من نوعها
فريق مُثلث
كما يجب ألا يتجاهل أي مشروع إصلاحي العلاقة الوثيقة بين تحقيق الرفاه الثقافي والاتصال الحضاري مع العالم ، لذلك فإن الحديث هنا تصحيح المسار الفني والثقافي المعزز للاتصال الحضاري يجب أن يبنى على تشخيص لجذور الخلل ومعالجته بشمولية ضمن فهم صحيح لواقع المجتمع، ً مستندا على ركائز أصلاحية حديثة تبني كأستراتيجية بديلة للقوى الدولة وتعزز من فرص فرض السلام الشامل واستعادة لنهضة وطن وأمة عزيزين.
أن الارتقاء والتحسين بصياغة مشروع حضاري ثقافي اليوم لحضرموت هو جُل ما نرغب به لإحداث تحول في التواصل الحضاري على المستوى العالمي، إيماناً بقـدرة انسانها و مجتمعها على رد جميل لجغرافيته التي ألهمت الكثير للعالم وسياسة أِحتفاظ لمركزية شواهدها الحضارية عبر رؤية إثـراء لمختلف طبقاتها ومكنوناتها الثقـافة والطبيعية دعم للهوية الوطنية وتعزيز للتبادل الحضاري مع مختلف أقطار العالم.