-
19يونيو2025

رأسمالية الحكومات والصناديق السيادية

أن التوسع في الرأسمالية الحكومية يؤدي بشكل طبيعي إلى زيادة هذا النوع من الرأسمالية بشكل أكبر.

سعيد باحشوان

أحد منتجات مُثلث

عمل فني بواسطة : Michael George

رأسمالية الحكومات والصناديق السيادية

أن التوسع في الرأسمالية الحكومية يؤدي بشكل طبيعي إلى زيادة هذا النوع من الرأسمالية بشكل أكبر.

سعيد باحشوان

أحد منتجات مُثلث

عمل فني بواسطة : Michael George

ربما لم تسمع أبدًا عن Yngve Slyngstad، وهذا أمر مفهوم. وبينما يضج عالم المال بالرؤساء التنفيذيين ذوي الأسماء الكبيرة مثل لاري فينك، وجيمي ديمون، وستيف شوارزمان، ينزلق هذا البيروقراطي النرويجي بسعادة إلى الخلفية. فهو يسافر بالطائرة في الدرجة الاقتصادية، وليس لديه مساعد شخصي، ويعتقد أن راتبه البالغ 800 ألف دولار – وهو ما يقرب من راتبه لمدير إداري متوسط ​​الرتبة في بنك مورجان ستانلي – مرتفع بشكل غير عادل.

ومع ذلك، يدير سلينجستاد صندوق الثروة السيادية النرويجي، الذي تبلغ أصوله حوالي تريليون دولار، أي ضعف حجم صندوق إدارة الاستثمار في مورجان ستانلي. يسيطر الصندوق على حوالي 1.4% من جميع الأسهم العالمية، وعندما يلقي بثقله، يمكنه حقًا تحريك الأسواق العالمية . يُطلق البعض على سلينجستاد اسم “الرجل الذي تبلغ قيمته تريليون دولار“.

الكاتب

تُعَد صناديق الثروة السيادية، مثل صندوق سلينجستاد، لاعبين رئيسيين في التمويل ورأس المال الاستثماري، حيث تسيطر على أصول مجمعة تبلغ نحو 8 تريليون دولار ــ أي ما يعادل حوالي 10% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وكثيراً ما تختلف أهدافها عن أهداف المستثمرين التقليديين في القطاع الخاص، مع وجود آفاق استثمارية أطول كثيراً، وباعتبارها جهات فاعلة مدعومة من الدولة، فإن بعض الغموض يكتنفها بشأن ما إذا كانت أهدافها مالية بحتة.

شبح الرأسمالية الحكومية

في كتاب “شبح الرأسمالية الحكومية” تُظهر البيانات التي أوردها إلياس علامي وآدم ديكسون مؤلفي الكتاب ، أن صناديق الثروة السيادية تحكمت في أكثر من 11.8 تريليون دولار العام الماضي، بزيادة هائلة مقارنة بما قيمته تريليون دولار فقط كانت تتحكم به هذه الصناديق عام 2000.

وهذا النمو السريع يجعل صناديق الثروة السيادية تتفوق على صناديق التحوط وشركات الأسهم الخاصة مجتمعة، وفق وولدريدغ.

يشير الكاتب المختص بالاقتصاد العالمي أدريان وولدريدغ في مقالته الأخيرة في بلومبيرغ، إلى تحول كبير في الاقتصاد العالمي يتمثل في عودة الحكومات كلاعب رئيسي بالأسواق العالمية، أذ انها تلعب دورا كبيرا وواضحا كمالكة وممولة ومستثمرة ورأسمالية شاملة. حيث يقترح وولدريدغ تسمية هذه الفترة “عصر الرأسمالية الحكومية” وهي حقبة تتسم بنمو سريع للدور الحكومي في التحكم الاقتصاد العالمي مستفيده من سلطاتها في إدارة موارد البلدان والتحكم بسياسة الاستثمار فيها.

ماذا يُعنى بالصناديق السيادية ؟

برزت صناديق الثروة السيادية باعتبارها الأحصنة الأكثر هيمنة في المشهد الاستثماري العالمي، وقد فاقت قيمة أصول الصناديق السيادية أربعة تريليونات دولار في عام 2013، وانتقل عدد هذه الصناديق من ثلاثة فقط في عام 1969 إلى 22 في 1999 إلى 44 في عام 2008، لتناهز في عام 2014 قرابة 82 صندوقا

صناديق الثروة السيادية هي صناديق استثمارية تملكها الدول ولكنها لا تكون تابعة لوزارات المالية أو البنوك المركزية وتأتي أغلب مواردها من إيرادات المواد الأولية وعلى رأسها النفط، والهدف هو إدارة واستثمار جزء من الفوائض المالية للدولة وفق خطة تجارية ربحية في عمليات استثمارية ذات أمد طويل خارج دول المنشأ.

وتتنوع المجالات التي تستثمر فيها هذه الصناديق، ومن أبرزها العقار وصناديق التحوط وصناديق الاستثمار في الأسواق المالية والسندات والأسهم والعقود الآجلة والمواد الأولية.

لكن هناك جانب غامض منها حيث أنها تواجهة انتقادات إلى أن التأثيرات السياسية هي التي تتحكم في قراراتها الاستثمارية وليست الاعتبارات الاقتصادية، كما يعاب على بعضها نقص الشفافية، كما تقول مجموعة “جيو إيكونوميكا” للأبحاث والتي أشارت إلى أن غالبية صناديق الثروة السيادية الكبرى في العالم تفتقر إلى الشفافية والحوكمة

توسع عالمي بـ أسم الحكومات ..

أن الشركات المملوكة للدولة في العصر الحديث تختلف بشكل كبير عن البيروقراطيات الحكومية التقليدية. فبدلا من أن تكون الحكومات مديرة مباشرة لهذه الشركات، تعمل اليوم مالكة غير ناشطة غالبًا، مع حصص غالبا ما تكون أقلية.

أصبحت الحكومات تستخدم الشركات المملوكة للدولة للسيطرة على شبكات الإنتاج العالمية. مثلا، عندما استحوذت شركة الطاقة الصينية الحكومية “سي إن أو أو سي” على شركة “نيكسن” الكندية عام 2013، لم تكتفِ بالوصول إلى النفط من 4 قارات فحسب، بل وسعت استثماراتها في النفط الرملي والغاز الصخري. ومثل هذه الصفقات تعكس التوسع الحكومي في الصناعات الإستراتيجية على المستوى العالمي.

فريق مُثلث

لا يختلف اقتصاديون على أن هناك شركات حكومية تعمل بشكل محترف وناجح في الأسواق العالمية. حيث يدير هذه الشركات مديرون تنفيذيون يحملون شهادات ماجستير في إدارة الأعمال من كليات مشهورة، وغالبا ما يتمتعون بخبرات واسعة في القطاع الخاص. ورغم ذلك، فإن هذه الشركات تختلف في مستويات الأداء والشفافية. فقد تشمل بعض الشركات واجهات للبيروقراطيين الفاسدين أو أدوات للسياسيين المتحالفين مع الحكومة.

مثلا اللجنة الصينية للإشراف على الأصول المملوكة للدولة “إس إيه إس إيه سي” (SASAC) تعد من أقوى المؤسسات في العالم، لكنها غير معروفة لمعظم الناس. وهذه اللجنة تمتلك بشكل حصري 96 شركة قابضة تسيطر على الشركات التابعة لها المدرجة في بورصة شنغهاي والأسواق الدولية.

أداة للسيطرة على الإنتاج العالمي !

أن التوسع في الرأسمالية الحكومية يؤدي بشكل طبيعي إلى زيادة هذا النوع من الرأسمالية بشكل أكبر. هذا ما أشارا اليها علامي وديكسون بمفهومًا مثيرًا للاهتمام يُعرف باسم “دوامة الرأسمالية الحكومية”

هذا النمط يفسر كيف أن هناك حماسة متزايدة في أفريقيا لإنشاء صناديق ثروة سيادية، حيث يوجد حاليًا 22 صندوقًا قيد التشغيل و7 أخرى قيد التخطيط، متأثرة بنجاح صناديق الثروة شرق آسيا والشرق الأوسط.

تبدو الرأسمالية الحكومية أداة قوية لتعزيز الاقتصاد الوطني، إلا أنها تأتي مع مجموعة من التحديات الكبيرة.حيث تسيطر الشركات المملوكة للدولة على جزء كبير من الاقتصاد العالمي. ووفقا لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية “أو إي سي دي” (OECD) فإن نصف أكبر 10 شركات في العالم و132 من أكبر 500 شركة مملوكة للدولة وهو ما يسمى تحدي التركيز والاحتكار.

الحاجة إلى إلاستقلالية

في أعمال الاجتماع السنوي السادس للمنتدى الدولي لصناديق الثروة السيادية بقطر أتضح تأكيد كبير من جانب المسؤولين على أن إدارة هذه الصناديق تتم في “التزام كامل بمعايير الشفافية المتعارف عليها دوليا، وبعيدا عن تأثيرات السياسة على اتخاذ القرارات الاستثمارية”.

يتطلب إدارة هذا العملاق الناشئ في الرأسمالية الحكومية قدرا كبيرا من البراعة والابتكار، كما يرى وولدريدغ أذ أننا بحاجة إلى التخلص من الفكرة القائلة إن الرأسمالية الحكومية هي بقايا من ماضي سيطرة الدولة أو أنها مجرد ظاهرة مرتبطة بالقوة الصينية. لكن الواقع، تزداد الرأسمالية الحكومية قوة وانتشارا، حيث إن بعض أنجح الشركات المملوكة للدولة وصناديق الثروة السيادية تقع في الدول المتقدمة.

تتطلب ضرورة تعزيز دور المؤسسات التكنوقراطية العالمية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، في ضبط هذا النظام العالمي المتنامي والمتخوف لدى الدول التي يظهر في سقوط مركزياتها السياسية وتعيش ازمات اقتصادية ، ووضع حدود واضحة بين الرأسمالية الحكومية “الجيدة والسيئة” وهي مهمة ليست سهلة في عصر بدأت تهيمن فيه الانظمة السلطوية على المشهد السياسي العالمي.

اقتباس مؤجز

يقترح وولدريدغ تسمية هذه الفترة "عصر الرأسمالية الحكومية" وهي حقبة تتسم بنمو سريع للدور الحكومي في التحكم الاقتصاد العالمي

فريق مُثلَث

اقتباس مؤجز

يقترح وولدريدغ تسمية هذه الفترة "عصر الرأسمالية الحكومية" وهي حقبة تتسم بنمو سريع للدور الحكومي في التحكم الاقتصاد العالمي

مكتب مُثلَث

إشَارَات وإطلاعات

مصادر

المزيد من المقالات

كل ما أعرفه عن الاكتئاب كنت أقرأه في الكتب وأشاهده في التلفاز، أو أسمعه عبر الأثير

نشرة موجة من مُثلث

نصلي ونصوم ونتعبد امتثالاً لأمر الله، تقرباً له، حباً في الطاعات، ورغبة في إرضائه

نشرة موجة من مُثلث

في النهاية وصلت لشيء من السلام والتصالح الذاتي بأن هذا أنا وهذه شخصيتي

نشرة موجة من مُثلث

لا أعتقد يوجد شخص إلا وقد سمع كبير سن ينتقد بضرواة “شباب هذه الأيام”

نشرة موجة من مُثلث

نقوم بإعداد المزيد من الإثراء

البجاحة درجات، ونيتفلكس ارتقت لأعلاها. تتفاخر بأنها تعمل على تطوير أفكار لخطف ما يستطيعون من أوقات فراغك،

نشرة بُكرة من مُثلث

كلما خجلت من قول لا وتأخرت في التعود عليها، كلما شعرت بثقل المجاملة وأنك تخشى الناس،

نشرة موجة من مُثلث

ليست التفاهة وليدة اليوم، لكن وسائل الإعلام الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي وفّرا منابر للمعتوهين والحمقى

نشرة موجة من مُثلث

تحبس إشعارات لنكدإن المنشورات والنقاشات في قوالب جاهزة، كأن حياة الفرد ليست شيئًا سوى إنجازات

نشرة بكرة من مُثلث

نقوم بإعداد المزيد من الإثراء
مُثلث / منصة الإثراء العربي

أهلًا بك رفيقاً لنا في مُثلث

ستصلتك رسالتنا الأولى الى بريدك الإلكتروني على الفور . تحقق من صندوق البريد العام الخاص بكم لتتمكن من الإطلاع على صيغة إشتراكّ .. إذا لم تجدها ابحث في رسائل SPAM وتأكد لتُحرريها لصيغتها الرسمية حتى تتمكن إستلام أشعارتنا وجديدنا باستمرار.
اذا لم تتمكن من إستلام اي رسالة إشتراك.
تواصل مع فريقنا المختص على : hala@muthalth.net

"باقة حالمة، وفريدة من نوعها، ومدروسة،
ودائمًا ما تكون مبهجة في بريدي الوارد."

مالك اسحاق