في اليابان، هناك مفهوم يسمى “شكونين”، ويشير إلى الحرفي الذي يكرس حياته لمهنته، ويسعى دائما لتحقيق الكمال في ما يعمل أو يصنع. الاستقالة الصامتة عكس ذلك تماما، ويتعلق الأمر بالقيام بالحد الأدنى من الجهد من أجل تأمين لقمة العيش، وليس السعي لتحقيق الكمال أو الإبداع في العمل.
كثر الحديث عن موجة ( الاستقالة الصامتة ) وتأثيرها على بيئة العمل، وطغت منذ ظهورها في تك توك على محتوى منصات البودكاست والتواصل الاجتماعي والصحف والنشرات البريدية. فالفكرة مؤثرة فعلًا، إذ وجدت مؤسسة ( قالوب ) مؤخرًا أن ( المستقيلين الصامتين ) يشكلون على الأقل نصف القوة العاملة في الولايات المتحدة اليوم.
والاستقالة الصامتة مصطلح يتعلق بوضع الحدود، بمعنى أن تكمل المهام التي من المفترض أن تكملها في الوقت الذي يدفعون لك مقابل القيام بها، ومن دون أي جهد إضافي، فلا مزيد من الانصياع لرئيسك أو عملائك بشكل أعمى في كل ما يطلبونه منك، ولا مزيد من ليالي العمل في البيت، أو في عطلات نهاية الأسبوع، أو التحقق باستمرار من بريدك الإلكتروني.
في الحقيقة، فإن هذه الممارسة ليست شيئا جديدا تماما، فقد ترك العمال وظائفهم بهدوء سنوات للبحث عن شيء جديد، سواء كان ذلك بسبب ضعف الأجور
فريق مُثلث
لكن ما جعل المصطلح أكثر شيوعًا منذ عام 2021 هو تغيُّر ثقافة العمل خلال الجائحة. لقد حوّل وباء كورونا علاقة الناس مع العمل، خاصة جيل الشباب الذين أسهموا في ردود الفعل العكسية ضد ثقافة “الإخلاص في العمل”؛ فلم تكتف جائحة كوفيد-19 بتعطيل معظم مناحي الحياة لأوقات طويلة، إذ بدأ الكثير من الموظفين يعيدون تقييم علاقتهم بالعمل بعد تجربة العمل عن بعد، ويحاولون الموازنة بين حياتهم المهنية وحياتهم الشخصية. .
في الحقيقة، فإن هذه الممارسة ليست شيئا جديدا تماما، فقد ترك العمال وظائفهم بهدوء سنوات للبحث عن شيء جديد، سواء كان ذلك بسبب ضعف الأجور، أو عبء العمل الذي لا يمكن التحكم فيه، أو الإرهاق أو نقص فرص النمو، أو عدم التقدير من قبل الرؤساء والمديرين.
وعانى 7 من كل 10 موظفين من الإرهاق العام الماضي، وفقًا لتقرير “أسانا” لعام 2022، وأظهرت نتائج التقرير أيضا أن الموظفين الذين يعانون من الإرهاق هم أقل مشاركة، ويرتكبون المزيد من الأخطاء، ويتركون العمل، ويكونون أكثر عرضة لخطر انخفاض الروح المعنوية.
ظاهريًّا، قد تقيك الاستقالة الصامتة من الآثار السلبية للتوتر ومن الإنتاجية السامة، إلا أنَّ لها تأثيرًا سلبيًّا عليك. إذ سيلاحظ الرؤساء والزملاء أنك لم تعد تبذل مزيدًا من الجهد، وهذا بدوره سيؤثر على عملك، ويعيق فرص تطوّرك في مسارك المهني وبناء خبرتك الشخصية.
وإن كنت مديرًا، تستطيع أن تتجنب تأثير هذه الظاهرة على الموظفين من خلال إصلاح الخلل الوظيفي في بيئة العمل. هكذا يتمكن الموظفون من تحقيق توازن صحي بين حياتهم المهنية والشخصية، ولا ينجرفون وراء موجة من موجات تك توك.
وبعد، هل أنت غير مرتاح في وظيفتك وتشعر بالرغبة في الاستقالة الصامتة، وبذل أقل جهد في عملك. بدلا من الاستقالة ننصحك بالتحدث لمديرك أو صاحب العمل فقد يجد الحل الذي كنت تعتقد أنه غير موجود أبدا.