الامكانية من تقديم الكثير للعالم ..
إقتباسات من – السياحة اليمنية – حضرموت نموذج – رؤية تخصصية صادقة لقطاع الضيافة والثقافة بحضرموت.
بهذا العنوان كان أحدى أسباب صياغة ورقة تخصصية لقطاع الثقافة باليمن قبل سنتين من اليوم – كمشروع لرؤية اصبحت بالنسبة لي هاجس لحلم تحمل كنفات تنفيذه عشرة سنوات من الان – عن الدور الحضاري التي يجب أن تلعبه المكنونات الثقافية لأرض اليمن، عن الامتداد البشري والمجتمعي للتاريخ الانساني الشاهد لزمان المكان، وعن التأثير الايجابي المؤسس لكل بداية لا نهاية لها ، عن ما اكتسـبته على مدى قرون من مهارات احتضان للتنوع الثقافي والبيئي دون المساومة على قيمها، عن الاسم الحضاري ذات الارتباط الراسخ لعرب شعبها بتقاليد التجارة والشعر والادب والهجرة الإيجابية للبلدان, عن الصيت والسمعة بأعتبارها بلاد التنوير والتعلم والجمال ، عن حضرموت عن هوية الأرض والانسان.
أن المحافظة على الشواهد الحضارية لليمن المتمثلة في المباني والفنون الثقافية لا يمكن التعامل معها الا كواقع فني عبر مكنّة الترويج والاتصال الحضاري مع الغير
الكاتب
صيغة المقال هنا لا تحمل في سطورها الكشف عن تلك المكنونات الثقافية والطبيعة لليمن ولا أن يروج للأساليب الفنية والغنائية التي تتمتع به حنجرة انسانها ولا التوثيق والإيحاطة التراثية بأسماء معالمها الادبية والشعرية، بقدر البحث عن نموذج عمل حديث يكشف ملامح مرحلة مقبلة تتطلب الظهور كمركزيه حضارية تقوم على تصوّر رمزي فائق الأهمية والصدارة، عماده قيام نهضة مجتمعية معرفية، واستحداث طاقة وقوة ناعمة ترفد الارض والانسان في هذه اللحظات التاريخية الحرجة التي تمر بها تربة وطننا العزيز ، في استعادةً لقواه وتمكّنه من لحق ركب الحضارة الانسانية، أذ أن نجاح أي مشروع وطني ثقافي يقدم حضرموت كما يجب أن تكون فهذا يعني لهـا الرخاء والمرونة الاقتصاديـة والازدهار الثقافي ويعني للعالـم تقديم نموذج حداثي حضاري غني متفرد بالاصالة .
المنتج الثقافي كقوة ناعمة
في العام 2010، اعترفت هيلاري كلينتون بوجود لحظات تكون فيها «الموسيقى أقدر على نقل القيم الأميركية من الخطاب، مهما كان هذا الخطاب قوياً، عسكرياً وسياسياً». وهـذه الأصوات ليست سوى الصدى لإحدى الأواليات التي يسـعى كل حائز للسـلطة على رعايتها وتعهـدها: المشــروعية. إلا أن رعاية هذه «المشروعية» وصونها، وتعهـّدها، ينبغي أن تكون «من فوق»، عبر اسـتخدام القادة التنفيذين لمختلف الأجهزة والتدابير المتعلقة بها.
كما أشار لها المفكر الأميركي جوزف ناي المعروف كفكرة «القوة الناعمة»، وهي أبعـد من أن تُجسِّد على الصعيد النظري مفهوماً علميّاً؛ اذا أن ” القوة الناعمة ” (وخلافاَ لتأويلٍ سـائد) لا تقابل ولا تعارض القوة الصلبة التي تشمل الموارد المادية، الاقتصادية منها . فبسط ونشر القوة الأولى يفترض وجود الثانية.. وهذا ما يفسر ما يمكن إعتباره أن الاتصال الحضاري اليوم المتمثل في البرامج الثقافية والفنية ومشاريع التبادل الثقافي حول العالم هي أهم أعمدة القوى الناعمة الطاغية والحاضرة على الساحة بأسم العولمة الثقافية.
هذا المفهوم للقوة الناعمة، الذي انطلق من السجال النظري، بدأ يحظى بالتطبيق، تدريجاً على بلدانٍ أخرى فهناك فرنسا على سبيل المثال التي كانت تحاول التعويض عن ضعفها الاقتصادي، وأن تعكس في الوقت نفسه صورتها كقوة عظمى، كانت في الحقبة الواقعة بين نهاية القرنين التاسع عشر ومطلع القرن العشرين، بين أوائل الرواد في هذا الميدان.
جاذبية الإبداع التي تحدث اليوم بأسم التبادل الثقافي بين البلدان هو أحدى أسباب بحث تلك الدول عن بدائل تغطي بعض أنكسارتها كقوى تقليديه
فريق مُثلث
فتعلّم اللغة الفرنسية نتج عن مبادرة خاصة، تمثلت في إنشاء (التحالف الفرنسي l’Alliance française )في عام 1883 كبذرة أولية حتى تطورت المشاريع والافكار وأصبحت تمتلك الى يومنا هذا شـبكة من مؤسسات وهيئات ابداعية وتعليمية وثقافية واسعة اتباعاً لاستراتيجية ثقافية تدور حول اقتصاد اللاماديات، أو رأس المال الرمزي، وهو اقتصاد يعتمد القوة الناعمة منطلقاً له، ويستند في بعض ما يستند إليه، إلى التراث الفني والجمالي الفرنسي المتجسّد في متاحفها كاللوفر وغيره من جهة، وكذلك إلى الإرث التعليمي الراسخ بنظامه المتطوّر المناهج والمهارات ولقد نجحت هذه السياسة الثقافية الفرنسية كرهان استراتيجي، عرف كيف يوظّف الإشعاع الثقافي الفرنسي في مكانه، وفي أي مكان في العالم في الوقت نفسه.
جاذبية الإبداع التي تحدث اليوم بأسم التبادل الثقافي بين البلدان هو أحدى أسباب بحث تلك الدول عن بدائل تغطي بعض أنكسارتها كقوى تقليديه أذ لا يقتصر النفوذ الدولي الذي تنشره الدول على الدوائر القيادية، فهو يضم ويجند أدوات ممـا لا زال علماء السياسة يسمونها منذ سـتينيات القرن الماضي «الدبلوماسية العمومية». فلا يخفى إن العامل الثقافي في العلاقات الدولية له ثقله الكبير اليوم قبل غيره من الزمن يكفي أن هذا العامل أهميته أنه يعزز سبل التفاهم المتبادل عن طريق الجاذبية والإقناع بدلاً من السلبية والإكراه..
كما أن العامل الثقافي يظل ذا سلطة أخلاقية معنوية على الآخر، داخل بلاده وخارجها، فهي تعمل كجرعات مُسعفة للأزمات التي تتعرض لها تلك البلدان تستعدي من خلالها الصوت الداعم من المؤسسات والهيئات المعنية خارج أوطانها لتظافر جهود الانقاذ وأنعاش حياة الوطن تردفها رسائل الملايين من عبارات التعاطف والتعاضد لإحلال ما يمكن أصلاحه في أطفئ خميد نار أي أزمة ، وبيننا في وطننا (اليمن) من الانعزالية الثقافية وغيرنا ممن سعى في غير ذلك خير مثال لدراسة لحظاتنا المحرجة المنسية اليوم.
أستكمل المقالة :المُنتج الثقافي ورغبة التحوّل