في عام 2019، كنت في جولة داخل أحد المنتزهات السياحية في ماليزيا. وكعادتي، لم أكن أستمتع كثيرًا بالخدمات أو المنتجات الترفيهية المقدمة هناك، بل كان كل اهتمامي ينصب على البحث حول تجارب صناعة الترفيه واستحداث الابتكارات الريادية للاعمال في قطاع السياحة . ما زلت أذكر ذلك اليوم بوضوح، خاصة بعدما كتبت هذا المنشور في 2024، لحظة رؤيتي طفلًا صغيرًا في حالة من البكاء والصراخ المتواصل، بسبب عدم تمكنه من الحصول على لعبته المفضلة. لم أتردد لحظة في الاقتراب منه لمعرفة سبب هذا الاضطراب، ولكي استمتعي بباقي جولتي دون سماع صراخ وكان كل ما في الأمر أن أمه لم تكن تملك المال الكافي لشراء ما يريد.
في تلك اللحظة، تذكرت المقولة الشهيرة التي تقول “المال لا يشتري السعادة”، لكنني أدركت كم هي خاطئة بشدة صراخة الطفل. فما هي السعادة إذا لم تكن القدرة على تلبية رغبات أحبائنا؟ وأي سعادة يمكن أن يشعر بها طفل وهو يراقب حلمه يتبخر أمامه بسبب محدودية الموارد؟ كيف يمكننا القول أن المال لا يشتري السعادة، بينما في هذه اللحظة تحديدًا، كانت السعادة التي يطمح إليها هذا الطفل تتمثل في قدرة أمه على شراء له لعبته المفضلة، التي ستجلب له ابتسامة وسرورًا، وتخفف من ألمه.
من المؤكد أن المال ليس هو العنصر الوحيد الذي يخلق السعادة، فهناك علاقات إنسانية قوية، وصحة جيدة، ومشاعر الحب والرعاية. لكن لا يمكننا إنكار حقيقة أن المال يمكن أن يكون له دور كبير في توفير الراحة والأمان، والقدرة على تحقيق رغباتنا الأساسية، التي تساهم في شعورنا بالسلام الداخلي والسعادة.
تدفعنا هذه الفكرة إلى التساؤل هل يمكن للمال أن يشتري السعادة؟.. هناك العديد من العوامل التي تلعب دورا مهما منها القيم الثقافية، ومكان المعيشة، والاهتمامات، وكيفية إنفاق أموالك، والفكرة التي تدفع الشخص لإنفاق النقود.
فريق مُثلث
تدفعنا هذه الفكرة إلى التساؤل هل يمكن للمال أن يشتري السعادة؟.. هناك العديد من العوامل التي تلعب دورا مهما منها القيم الثقافية، ومكان المعيشة، والاهتمامات، وكيفية إنفاق أموالك، والفكرة التي تدفع الشخص لإنفاق النقود.
ويل ديفِز، مدوّن سفر بريطاني، يعرض عبر قناته على يوتيوب ( تريك ترندي ) تجربة السفر الفاخر، ويجعلك بمجرد مشاهدته تعيش نوعًا ما شعور الأغنياء. أخمّن أنَّ الملايين غيري يتابعون هذه القناة لأنهم مثلي فضوليون، ويحاولون مشاركة الأغنياء تجاربهم، وربما يرغبون بتخطيط رحلات فاخرة كرحلاتهم!
وخلص الباحثون إلى أن المال قد يكون أداة فعالة أكثر للحد من الحزن بشكل أفضل من الحصول على السعادة وتعزيزها .. قد تكون السعادة لا تشترى بالمال، وهذا صحيح، ولكن الصحيح أيضا أن المال قادر على شراء “حزن أقل”،
يؤكد استطلاع أجرته (هارفارد بزنس ريفيو ) هذه النظرية. إذ عبَّر 80% عن أنَّ السعادة التي اشتروها بالمال الذي اقترضوه من البطاقات الائتمانية، كانت حين صرفوا المال على ( تجربة )، لا على ( مقتنيات ماديّة).
أحد الأسباب التي اقترحت لتفسير ذلك هو أن المال يساعدك على التعامل مع الظروف السلبية، مثل حدوث خراب في المنزل أو رفع الأقساط الدراسية، ولذلك يؤدي هذا لدرء هذه المنغصات وما تسببه من حزن للشخص.
لذلك لا ضير أن نحاول أحيانًا تقليد نمط حياة الأغنياء. ولا مانع أن نعيش تجارب سفر فاخرة مثلهم بين فترة وأخرى لأنها، حسب ما تقول الدراسات، مصدر سعادة حقيقية!
خلاصة القول أن مقولة ( المال لا يشتري السعادة ) ليست صحيحة علميًّا، والأغنياء أسعد الأشخاص. لكن الملفت، وفقًا لدراسة هولندية أخرى، أنَّ السعادة التي ينعم بها الأثرياء تنبع إلى حد بعيد من كيفية قضائهم أوقاتهم، وليس من الأشياء التي يشترونها.