في الماضي كان لدي تخوف من فكرة السوق الحر الى أن تمعنت في قراءة بعض المقالات والكتب عنها ( الرأسمالية ) وتقّبلت الفكرة كحل عصري للكثير من الدول والمجتمعات .. حتى باغتتني حالة السوق الفردي ( أصحاب المنصات الرقمية ذات الاسواق التسويقية ) الى حين أرجعتني الى مربع الصفر ( التخوف من الرأسمالية )
نمت وتطورت الرأسمالية إلى وحشٍ مجهول متعدد الرؤوس يصعب التوقع به حتى في أعين أعتى الرأسماليين. رؤوسه المنصات الرقمية الكبرى، وأشرسها فيسبوك (ميتا).
تحقق فيسبوك ومثيلاتها من المنصات الرقمية الكبرى أرباحًا خيالية على ظهور الكادحين من مستخدميها، لكن لا تنعكس على السوق الرأسمالي.
فريق مُثلث
الحاصل أنَّ بدخولك السوق الرقمي تكون خرجت من السوق الرأسمالي ودخلت إلى نظام «الغرفه » الإقطاعي. كيف؟ أولًا، تصور لو أنَّ كل ما في السوق يملكه شخص واحد، وأنت وكل أصحاب المتاجر لا تملكون سوى حق الاستخدام مقابل أجر شهري. وحتى مع دفعك المال، يملك صاحب السوق طردك لأي سبب.
ولنفترض أنك تريد الترويج لمنتجك أو خدماتك في فيسبوك، ستدفع الاشتراك مقابل الخطة الإعلانية. ولن تكترث فيسبوك لما تنتج أو مدى أرباحك، لأنها ستنقض على بطاقتك كل شهر وتأخذ نصيبها المستحق منك في كل الأحوال. كذلك، كفرد، بمشاركتك بياناتك وتحركاتك داخل السوق الرقمي وخارجه أصبحت ملكية خاصة لصاحب «العزبة». وبحرصك على بناء بروفايل «نظيف» في وسائل التواصل الاجتماعي بغية القبول للتوظيف، تكون تخليت طوعًا عن حريتك الشخصية.
وبالطبع تحقق فيسبوك ومثيلاتها من المنصات الرقمية الكبرى أرباحًا خيالية على ظهور الكادحين من مستخدميها، لكن لا تنعكس على السوق الرأسمالي. هنا عرفتُ لماذا نشهد حميَّة حكومات الدول الكبرى ضد تلك المنصات إما بفضحها أخلاقيًّا خوفًا على المراهقات -رغم أنَّ الرأسمالية ما اكترثت يومًا لخطر التنمر على أجساد المراهقات- أو بفرض ضرائب عالية على أثريائها الفاحشين.
كما حاولتْ ولا تزال كسر احتكار تلك المنصات للتقنيات في محاولة نسخ سوقٍ رقمي شبيه بالرأسمالي ملكيته مفتوحة للجميع، بحيث تمتلك حقيقةً متجرك الإلكتروني بدلًا من استئجاره.
انقطع الكلام. وتذكرت ماركس ونذير بيانه الشهير من شبح الشيوعية الذي ستعجز قوى أوربا القديمة عن إيقافه، إذ سيتحد خلف الشيوعية الملايين من العمال الكادحين الرافضين للاستغلال الوحشي. وأتصور هذا ما سيحصل مع شبح الإقطاعية الإلكترونية، إذ سيتحد خلفها كل المستخدمين الكادحين الرافضين لمحاولات تحريرهم من «الغرفه ».